إلى الذي سيبقى موشوما في ذاكرتي ما حييت إلى عمي الأستاذ عبد الكبير الخطيبي

لن أنسى

– لن أنساك و لن أنسى صورتك البهية و أنت تزورنا بمسقط رأسك مدينة الجديدة و بالضبط بحي الصفاء الذي سيظل يفتخر بك إلى الأبد.

– لن أنسى أنك كنت تسأل عن الكل من أقارب و جيران قدامى بدون استثناء، أمثال : سي القاسمي و الحاج عبد اللطيف الشياظمي، و الحاج أحمد أشقر رحمه الله، و الحاج بنكيران و غيرهم.

– لن أنسى و أنا طفل أنك كنت تشتري لي الهدايا، و عندما أصبحت شابا بدأت تشتري لي كتبا تنتقيها بعناية شديدة و تسألني دوما عن الدراسة.

– لن أنسى أنك كنت تعشق المشي على شاطئ مدينة الجديدة الجميل، و كم من مرة تلقيت دعواتك الميمونة و المفيدة لمرافقتك و استفزازك بالكثير من الأسئلة خصوصا حول مسارك العلمي و كتبك التي كنت مولعا بها.

– لن أنسى الطريقة الذكية التي كنت توجه بها نظراتك و ملاحظاتك الدقيقة و المركزة و صمتك العجيب المستفز.

– لن أنسى طريقة كلامك و طيبوبتك و تواضعك الشديد.

– لن أنسى صراحتك و صدقك مع نفسك و مع الآخرين و لو أن الصراحة أو الوضوح بالتحديد يصبح في بعض الأحيان جريمة كما يقول الشاعر الكبير محمود درويش الذي كان من أعز أصدقائك.

– على ذكر الشاعر محمود درويش لا زلت أتذكر و أنا في بداياتي الأولى مع كتابة الشعر و أنا تلميذ في مستوى الثانوي أنني جمعت ملفا فيه بعض القصائد التي كان أغلبها حول القضية الفلسطينية و التي نشرتها في بعض الجرائد الوطنية و لما سنحت لك الفرصة لزيارتنا أعطيتك القصائد و وعدتني حينذاك بأنك ستريها إلى الشاعر الراحل و كانت فرحتي لا توصف حينذاك.

– لن أنسى حين صدرت لي مجموعتي الشعرية الأولى « بهجة الصمت » عن دار الرشاد الحديثة بالدار البيضاء (2008) أنني فضلت إرسال نسخة منها إليك عن طريق عنوان نادي القلم الدولي و الذي ترأس فرعه بالمغرب و منت حينذاك بالمكسيك لحضور حفل تكريم كاتب مكسيكي.

– لن أنسى أنني كنت أمام احتمالين اثنين لا ثالث لهما :

الأول : إذا اتصلت بي فهذا يعني أن الديوان قد نال إعجابك.

الثاني : إذا لم تتصل فهذا يعني أن الديوان لم ينل إعجابك.

– لن أنسى و لن أنسى أبدا فرحتي الشديدة عند اتصالك بي على هاتفي النقال، و أنا عائد من مقر عملي في اتجاه منزلي و قد فضلت أن لا أجيب على المكالمة بسبب الضوضاء
– لن أنسى أنني أكملت طريقي إلى المنزل مسرعا، و أخذت دوشا باردا و استعددت استعدادا نفسيا كبيرا قبل الاتصال بك لأنني أعرف قيمتك و أقدرها فأنت تمثل لي الآن الأستاذ عبد الكبير الخطيبي و ليس العم..

– لن أنسى سعادتي الكبيرة و أنا أتلقى أولى كلماتك بلغة بودلير :
Tu m’as surpris, c’est une belle surprise …

– لن أنسى أنك قلت لي أنك قضيت ليلة بأكملها تقرأ الديوان و عبرت لي عن إعجابك الشديد به و كذا بالتقديم الذي أنجزه الشاعر و الناقد نور الدين الزويتني.
– لن أنسى أنك شجعتني بإلحاح بلغة العارف أن أستمر في مجال الكتابة و طرق أصناف أدبية أخرى في المستقبل و وعدتني بكتابة شهادة نقدية حول ديواني « بهجة الصمت ».

– لن أنسى ما قلته لعمتي زبيدة و أختي ربيعة و والدتي بأنه سيكون لي مستقبل كبير في مجال الإبداع، و هذه شهادة أعتز بها كثيرا، و أتمنى أن أكون عند حسن ظنك يا سي عبد الكبير.

– لن أنسى حين زرتك بالمصحة التي كنت ترقد فيها لأطمئن عل حالتك الصحية و تكلمت لي مرة أخرى عن الديوان رغم المرض و التعب و قلت لي بدارجة رفيعة، هاد العمل ممتاز، مزيان، خلقت دابا جوج شخصيات، شخصية ديال الإدارة و شخصية ديال الكتابة، و أضفت باللغة الفرنسية :

Tu as fait ce travail discrètement, c’est ce qu’il faut faire, bonne continuation

– لن أنسى أننا كلما تقابلنا إلا و تسأل بلهفة شديدة عن مسقط رأسك مدينة الجديدة، عن أحوالها و كنت دوما تتمنى أن تكون هذه المدينة الجميلة في صورة أحسن مما هي عليه.

– لن أنسى و أنا أرفع نعشك على كتفي على غرار أخواي و ابن عمي و ابن عمتي أني كنت أذرف دموعا كثيرة ليس بسبب هذا السفر المفاجئ و لكن افتخارا بالمكانة التي تحضى بها في هذه البلاد من خلال العدد الكبير من الشخصيات و الناس الذين كانوا يرافقون موكب الجنازة.

– لن أنسى أنك فرضت الاحترام بفكرك و إبداعك و تواضعك و أخلاقك الرفيعة.

– لن أنسى أنك علمتني و سائر أفراد الأسرة كما علمنا من قبل والدنا أن نحترم كل شخص و لا نذل نفسنا للغير و أن نعتمد على النفس في قضاء مصالحنا.

– لن أنسى أن أقول أن اسمك ترسخ في ذاكرتنا جميعا لن يمحوه الزمن، و يوم 16 مارس 2009 لن ينسى أبدا.

مراد الخطيبي

الجديدة في : 19 مارس 2009