شجون التعليم في لقاء مع الفاعل التربوي محمد الصالحي بالجديدة

سعيا منه إلى فتح حوارات حول بعض القضايا الفكرية والتربوية الراهنة ومساهمة في النقاش الدائر بخصوص الإصلاح في مجال التربية والتكوين، عقد فرع اتحاد كتاب المغرب بالجديدة ومؤسسة عبد الواحد القادري لقاء مع الفاعل التربوي محمد الصالحي، باعتباره صاحب تجربة طويلة في التدريس والتأطير والتدبير التربوي والإداري امتدت من ستينيات القرن الماضي إلى حدود سنة 2006 بعدد من المدن والمناطق المغربية.

وبعد كلمة تقديمية من طرف الدكتور عبد المجيد نوسي تضمنت إطلالة تاريخية على مختلف المراحل التي قطعتها المدرسة المغربية عبر تاريخها الحديث، وبعد التعريف بالأستاذ محمد الصالحي، أعطيت الكلمة للضيف ليتحدث عن أهم المحطات في سيرته ومساره المهنيين في تفاعل مع ما شهده ملف التربية والتكوين بالمغرب من مد وجزر.

ولاحظ الضيف، في معرض تدخله، بأن الخلل في التعليم المغربي بدأ منذ نشأته وذلك في كون إدماج المدرّسين في مهام التربية والتكوين تم بدون مؤهلات ولا تكوين ملائم بل تحت ضغط الحاجة. كما أن تعيين المدرّسين في أماكن نائية لا تتوفر فيها شروط التكوين الذاتي ساهم في تأزيم الوضعية. وأضاف ذ. الصالحي بأن المبادئ الأربعة (التعميم، التوحيد، التعريب، المغربة) كانت تقصي غير المغاربة من ممارسة مهنة التدريس وتجعل الحاجة ماسة لمن يشغل الفراغ دونما مراعاة لأبسط الشروط المهنية والتربوية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل استمر في وقت لاحق مع حذف المدارس الإقليمية للمعلمين في صيغتها الأولى، ناهيك عن اكتظاظ الأقسام وعن التخلي عن وحدة الكتاب المدرسي.

أما التقويم الهيكلي الذي تم بموجبه تخلي الدولة عن دورها في التعليم والصحة وغيرهما من القطاعات الحيوية فقد كان، حسب المتدخل، بمثابة إعلان رسمي لسكتة قلبية للمدرسة المغربية، بحيث تم تشجيع المدارس الخصوصية على حساب التعليم العمومي، وشيئا فشيئا كثر الإقبال على التعليم الخصوصي لا لكونه كان يقدم منتجا جيدا ولكن لأنه أصبح دليلا على ارتقاء اجتماعي وهمي لدى كثير من الأسر المغربية، هذا إذا ما استحضرنا تخلي مؤسسة الأسرة والجمعيات والأحزاب والنقابات عن دورها في التكوين والتأطير.
وبالنظر إلى سياسة التردد وتضييع الفرص وهذر الإمكانيات بالبحث عن حلول ظرفية وترقيعية سجل ذ. الصالحي غياب إرادة حقيقية لإصلاح التعليم.

أثناء المناقشة استعرض الكاتب الحبيب الدائم ربي والفنان التشكيلي عبد الكريم الأزهر لحظات مشتركة رافقا فيها الضيف في رحلة ثقافية تربوية من خلال إصدار مجلة ثقافية تربوية باسم « شراع » أوائل التسعينيات مستعرضين المجهودات التي كان يبذلها ذ. الصالحي في المجال التربوي بصفته آنذاك رئيسا للمصلحة التربوية بنيابة الجديدة. في حين تساءل الباحث المصطفى اجماهري والكاتب حسن بزوي عن السبب في تدهور الأقسام الداخلية بالثانوي والتي كانت، في السبعينيات، بمثابة قناة للتربية والتعلم الحضاري.

وقد تولى ذ. الصالحي، في الأخير، الإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها من خلال ما خبره في حياته المهنية الطويلة، مسجلا أن ورش إصلاح التعليم قضية وطنية كبرى لم تعد تحتمل التأخير ولا التعطيل.

اتحاد كتاب المغرب، فرع الجديدة