الرؤية المأساوية للعالم عند زفزاف

نظم اتحاد كتاب المغرب، فرع الجديدة، بتنسيق مع مؤسسة عبد الواحد القادري يوم الجمعة 29 مارس 2013، دورة محمد زفزاف العاشرة للقصة القصيرة، بمقر مكتبة المؤسسة المذكورة، في موضوع  » الرؤية المأساوية للعالم عند محمد زفزاف ».

والملاحظ أن كتابات محمد زفزاف القصصية والروائية تحبل برؤية مأساوية للعالم أثارت نظر القراء والنقاد على السواء. تتجلى هذه الرؤية في الصراع الشرس الذي تخوضه شخوصه من أجل العيش كما تتبدى في المعاناة العميقة التي تجعل هذه الشخوص طرفا في مواجهة غير متكافئة مع قوى متمثلة في كائنات بشرية لا ترحم المستضعفين أو مع قوى المجهول والطبيعة.

أدار الجلسة الكاتب والناقد الحبيب الدايم ربي الذي مهد للموضوع بتوطئة أوضحت أن هذه الجلسة تنعقد في الذكرى العاشرة لرحيل أديب من طراز نادر بصم المشهد الثقافي المغربي والمغاربي بإبداعات مرموقة ظلت راهنيتها مثار إعجاب. كما أشار إلى أن مثل هده اللقاءات ترسخ ثقافة الاعتراف ببعضنا البعض ونستلهم منها كقراء سلوكات وأفكارا للنقاش. وبعد كلمة ترحيبية للأستاذ عبد الرحمن الساخي محافظ المكتبة، تناول الكلمة الباحث التربوي على آيت سعيد في مداخلة بعنوان « الرؤية التراجيدية في « المرأة والوردة ». الباحث أصل لمفهوم الرؤية التراجيدية عند لوسيان غولدمان والذي كان قد استفاد بدوره من الباحث المجري جورج لوكاتش. وأبرز المتدخل أن النظرة المأساوية حاضرة في أغلب إبداعات الراحل محمد زفزاف وليس فقط في المتن المدروس.

وأشار الباحث المصطفى اجماهري في كلمته إلى أن محمد زفزاف في نظرته المأساوية للعالم إنما يسير على خطى تيار الروائيين الأمريكيين أمثال جيمس جويس ووليام فولكنير. إلا أن نظرة زفزاف إلى العالم تختلف في المنطلق. فحينما سئل زفزاف مرة لماذا تعلي من النظرة المأساوية في أعمالك، أجاب : « إنني أرغب في إبراز معاناة فئة عريضة تعيش نفس الهموم والأحاسيس، دون أن يعني ذلك بأنني أسير في خط تراجيدي متميز ». فمحمد زفزاف لا يتنكر بتاتا للرؤية المأساوية للوجود ولكنه يؤطر نظرته في إطار واقع معين لا يرتفع.

القاص الشاب هشام ناجح تدخل للتوضيح بأن محمد زفزاف يبقى حالة استثنائية في المشهد الثقافي المغربي، مضيفا أن الراحل كان مقبلا على الحياة وصاحب وعي خلاق، مما لا يفهم معه بأن نظرته المأساوية كانت تشاؤما بل على العكس من ذلك تماما.

وبدوره قدم الأستاذ عبد العزيز مليلة قراءة إبستمولوجية في مجموعة من أعمال محمد زفزاف. ولاحظ الباحث عليها طغيان النظرة المأساوية للعالم كمفهوم تبناه عموما التيار الواقعي في القصة.

القاص محمد لفطيسي تدخل لتوضيح مجموعة من البديهيات التي لا ينبغي تجاوزها ومنها أن الأدب عموما هو إنتاج مأساوي بامتياز وأن المبدع الذي لا يشعر بالخيبة هو ليس مبدعا أصلا. ومن هنا فزفزاف يمكن اعتباره كاتبا مهموما بقيم طبقته الاجتماعية.

الطالبة الجامعية زينب الهنتاتي قدمت ورقة قاربت فيها الموضوع من خلال رواية « محاولة عيش » ورواية « قبور في الماء »، وخلصت إلى أن النظرة المأساوية عند زفزاف هي بمثابة احتجاج باسم الطبقة المسحوقة.

وختم اللقاء بنقاش واسع بين الحاضرين والمتدخلين تم خلاله التذكير بقيمة محمد زفزاف كإنسان وأيضا كمثقف عضوي أدى واجبه تجاه المجتمع بكل نبل وإخلاص.

اتحاد كتاب المغرب – فرع الجديدة